Saturday, April 26, 2008

عَرُوسٌ تُزفُّ إلى قبرِها




كان عمرُها طاقةَ أزهارٍ تُسمى أيامًا.
كان عمرُها طاقةَ أزهارٍ يَنْتَسِق فيه اليومُ بعدَ اليوم،


كما تَنْبُتُ الورقةُ الناعمة في الزهرة


.إلى ورقة ناعمة مِثلِها




أيام الصِّبا المرحة حتى في أحزانها وهمومها؛


إذ كان مجيئها من الزمن الذي خُصّ بشباب القلب،


تبدو الأشياء في مجاري أحكامها كالمسحورة؛ فإن كانت مفرحة


جاءت حاملة فَرَحَيْن، وإن كانت محزنة جاءت بنصف الحزن.




وشبت العذراء وأفرغت في قالب الأنوثة الشمسي القمري،


واكتسى وجهها ديباجة من الزهر الغض،


وأودعتها الطبيعة سرها النسائي الذي يجعل العذراء


فن جمال لأنها فن حياة، وجعلتها تمثالاً للظرف: وما أعجب سحر الطبيعة


عندما تجمل العذراء بظرف كظرف الأطفال


الذين ستلدهم من بعد! وأسبغت عليها


معاني الرقة والحنان وجمال النفس،


وما أكرم يدَ الطبيعة عندما تَمْهُر العذراء


!من هذه الصفات مهرها الإنساني


وخُطبت العذراء لزوجها، وعُقد له عليها في اليوم الثالث


من شهر مارس في الساعة الخامسة بعد الظهر.


وماتت عذراء بعد ثلاث سنين، أُنزلت إلى قبرها في اليوم الثالث


!من شهر مارس في الساعة الخامسة بعد الظهر



وكانت السنوات الثلاث عمر قلب يقطعه المرض،


ينتظرون به العرس، وينتظر بنفسه الرَّمْس .


يا عجائب القدر! أذاك لحن موسيقي لأنين استمر


ثلاث سنوات، فجاء آخره موزونًا بأوله في ضبط ودقة؟




أكانت تلك العذراء تحمل سرًّا عظيمًا سيغير الدنيا،


فردت الدنيا عليها يوم التهنئة والابتسام والزينة،


فإذا هو يوم الولولة والدموع والكفن؟




واهًا لك أيها الزمن! من الذي يفهمك وأنت مدة أقدار؟




!أيتها الدنيا؛ هذا تحقيرك الإلهي إذا أكبرك الإنسان


!ويا عجبًا لأهل السوء المُغْتَرِّين بحياة لا بد أن تنتهي




فماذا يرتقبون إلا أن تنتهي؟ حياة عجيبة غامضة؛


وهل أَعْجَبُ وأَغْمَضُ من أن يكون انتهاء الإنسان


إلى آخرها هو أول فكرة في حقيقتها؟
فعندما تحين الدقائقُ المعدودة التي لا تَرْقُبُها الساعةُ


ولكن يَرْقُبُها صدرُ المُحْتَضَر.. عند ما يكون مُلْك الملوك


جميعًا كالتراب لا يَشتري شيئًا ألبتة..




أعمالنا في الحياة هي وحدها الحياة، لا أعمارنا، ولا حظوظنا.


ولا قيمة للمال، أو الجاه، أو العافية، أو هي معًا –


إذا سُلب صاحبها الأمن والقرار!


والآمِن في الدنيا مَن لم تكن وراءَه جريمةٌ لا تزال تجري وراءَه.


والسعيدُ في الآخرة من لم تكن له جريمةٌ تطارده


وهو في السماوات.




رأيتُ العروس قبل موتها بأيام،


!فَيَالَلَّهِ من أسرار الموت ورهبته


!فرغ جسمها كما فرغت عندها الأشياء من معانيها


وتخلى هذا الجسم عن مكانه للروح


تظهر لأهلها وتقف بينهم وقِفة الوداع!


يا إلهي! ما هذا الجسم المتهدم المقبل على الآخرة؛


أهو تمثال بطل تعبيره أم تمثال بدأ تعبيره؟
لقد وثقت أنه الموت،


فكان فكرها الإلهي هو الذي يتكلم؛


وكان وجهها كوجه العابد: عليه طيف الصلاة ونورها.


والروح الإنسانية متى عبرت لا تعبر إلا بالوجه.


ولها ابتسامة غريبة الجمال؛


!إذ هي ابتسامة آلام أيقنت أنها موشكة أن تنتهي


ابتسامة روح لها مثل فرح السجين قد رأى سَجَّانه


واقفًا في يده الساعة يرقب الدقيقة والثانية


!ليقول له: انطلق



* * *
!....ودخلتُ أعُودُها فرأت كأنني آتٍ من الدنيا


وتنسمت مني هواء الحياة.


!كأنني حديقة لا شخص




* * *
وحانت ساعة ما لا يفهم، ساعة كل شيء،


!وهي ساعة اللاشيء في العقل الإنساني


فالتفتت العروس لأبيها تقول: "لا تحزن يا أبي


!ولأمها تقول: "لا تحزني يا أمي


وتبسمت للدموع كأنما تحاول أن تكلمها هي أيضًا؛


تقول لها: "لا تبكي…!" وأشفقت


على أحيائها وهي تموت، فاستجمعت روحها


!ليبقى وجهها حيًّا من أجلهم بضع دقائق


وقالت: "سأغادركم مبتسمة فعيشوا مبتسمين،


!سأترك تذكارًا بينكم تذكار عروس


ثم ذكرت الله وذكرتهم به، وقالت: "أشهد أن لا إله إلا الله"


!وكررتها عشرًا


وتملأت روحها بالكلمة التي فيها نور السماوات والأرض،




!ثم استقبلت خالق الرحمة في الآباء والأمهات


وفي مثل إشارة وداع من مسافر انبعث به القطار،


!ألقت إليهم تحية من ابتسامتها وأسلمت الروح


يالَعجائب القدر! مَشينًا في جنازة العروس التي تُزف إلى قبرها


!طاهرة كالطفلة ولم يبارك لها أحد




فما جاوزنا الدار إلا قليلاً حتى أبصرت على حائط في الطريق


إعلانًا قديمًا بالخط الكبير الذي يصيح للأعين؛


!...."إعلانًا قديمًا عن (رواية) هذا هو اسمها: "مبروك




واخترقنا المدينة وأنا أنظر وأتقصى،


فلم أرَ هذا الإعلان مرة أخرى! واخترقنا المدينة كلها،


فلما انقطع العمران وأشرفنا على المقبرة،


!..."إذا آخر حائط عليه الإعلان: "مبروك

Wednesday, April 23, 2008

انا لله وانا اليه راجعون






توفيت يوم الاثنين .. 21/4 /2008 أختنا

في الله "اشراق" فاللهم

اغفر لها وارحمها واعفو عنها

واكرم نزلها واجعل قبرها يارب

روضة من رياض الجنة

وتقبلها في الشهداء يارب العالمين


القلب يحزن والعين تدمع

ولا نقول الا مايرضي ربنا فالحمد لله

وانا لله وانا إليه راجعون


لوعة الفراق تحرق القلب ..

ولا املك الدعاء لك يا حبيبتي

هذه الدنيا نتلاقى لنفترق ..

ولكن موعدنا في جنة خلد عند رب العالمين


ادعوا لها بالرحمة والمغفرة

ولأهلها بالصبر والسلون

وجزاكم الله خيرا